ومسرحية “الملك لير” تلك التى بين يدي القارئ هي من أشهر المسرحيات تلك التى شهدت مسارح العالم تشخيصها منذ زمن إبداعها. قال فيها الناقد (براولي): “هذه المسرحية لا يسعها أي مسرح”، في حين أن الناقد والأديب تشارلز لام لمس الفارق الكبير بين قراءة المسرحية ومشاهدتها على المسرح حتى أنه صرّح بأن تلك المسرحية لا يمكن تمثيلها على المسرح. ورأى جون ملتون موري أن شكسبير كان في تلك المسرحية يكتب عكس ميوله الطبيعية، نتيجة لما لمسه من ضعف التلقائية الشاعرية فيها، ومهما قيل تبقى بصمات شكسبير في مزهلة “الملك لير” واضحة معبرة عن دلائل معاصريه وهذا سره العجيب. أي أن له مغزاه المتجدد مع انبثاق كل هم حديث. وإذا كان القرن العشرون من أشد فترات التاريخ اهتماماً بالقضايا السياسية، وأشدها بحثاً عن المنطويات السياسية في الإبداع الفني، فإن انتعاش شكسبير فيه دليل على معانيه السياسية المعاصرة ففي “الملك لير” تتعملق السلطة ويتعملق الكون ازاء الفرد. ومع ذلك الفرد هو المحك الأخير لجميع معنى. المصير، سياسياً أو تاريخياً، هو مصير الإنسان، مصير البشرية كلها، ومسرحية “الملك لير” تناقش ذلك المصير.
في البدء كان هناك ملف ذو بلاط ووزراء بعد ذلك، ليس هناك إلا شحاذون أربعة هائمون في الفلاة، تتناوشهم الرياح الغضبى والأمطار الهامية. والسقوط ربما يكون بطيئاً، أو فجائياً: للملك لير فى البدأ حاشية من مئة رجل، ثم خمسين، ثم رجل واحد فحسب. و”كنت” ينفيه الملك بإيماءة ساخطة واحدة من يده. غير أن عملية التحقير هي دوماً نفسها: كل ما يميز الإنسان من لقب، أو مكانة اجتماعية، أو حتى اسم، يضيع. لا حاجة للأسماء بعد. لقد أمسى لقد أمسى كل امرئ ظلاً لنفسه، إنساناً لا غير.
المصدر
تنزيل كتاب الملك لير pdf
تنزيل كتاب الملك لير pdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق